اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 297
العياذ بالله فقد حل قتله واستباح دمه على الموحدين المتمكنين الذين يبذلون أرواحهم في ترويج كلمة التوحيد ونصرة الدين القويم والشرع المستقيم لذلك قد فرض الجهاد والغزاء على ارباب الولاء المستمسكين بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها ليكون غزاتهم مع الله في عموم أحوالهم وشهداءهم احياء عند ربهم يرزقون من موائد افضاله ما لم تره عيونهم ولم تشتهيه نفوسهم ولهذا ما خلا نبي من الأنبياء من لدن آدم الى نبينا صلوات الله عليه وعليهم أجمعين من القتال والجهاد بينهم وبين مكذبيهم ومعانديهم كما فصل سبحانه بعض قصصهم وسيرهم في كتابه وأجمل البعض وقال مخاطبا لنبيه منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك والسرفى وجوب القتال للأنبياء والله اعلم ان بعثة الرسل والأنبياء انما هو لإصلاح احوال العباد وإرشادهم الى سبل الخير والصواب في معادهم ومعاشهم وذلك لا يتصور الا بعد ظهور الآراء الباطلة المتخالفة المتداعية الى انواع الاختلال وتزاحم الأهواء الفاسدة المستلزمة للضلال والإضلال وانتشار انواع البدع والجدال ورفع أمثال هذه المفاسد وقمع أهلها وقلع عرقها وأصلها انما هو باستئصال من تمسك بها وظهر عليها ولا يتيسر ذلك الا بالمقاتلة والمشاجرة لذلك قد جرت سنته سبحانه عليها وقد عدها من أفضل العبادات ثم لما كان المشركون المصرون على شركهم من أعدى الأعادي وأشدهم غيظا مع الله تعالى ورسوله وكان عهودهم ومواثيقهم غير معقول في علم الله قد تبرأ سبحانه منهم وامر رسوله ايضا بالتبري عنهم وعن عهودهم ومواثيقهم وان أكدوها وغلظوها
[الآيات]
فقال بَراءَةٌ اى هذه براءة ونقض عهد وإسقاط ذمة ورفع أمان قد كان بينكم ايها المؤمنون وبين المشركين نزلت إليكم مِنَ اللَّهِ المطلع على مخايل اهل الشرك اصالة وَمن رَسُولِهِ تبعا لتنبذوا أنتم وتطرحوا عهودكم ومواثيقكم إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وعليكم ان لا تبادروا ولا تفاجؤا الى المقاتلة بعد نبذ العهد
بل امهلوهم وقولوا لهم فَسِيحُوا اى سيروا ايها المسرفون فِي الْأَرْضِ اى في ارضنا هذا آمنين بلا خوف أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ قيل هي عشرون من ذي الحجة وتمام المحرم والصفر وربيع الاول وعشر من ربيع الآخر واستعدوا في تلك المدة وهيئوا اسباب القتال فيها وَاعْلَمُوا ايها المصرون على الشرك يقينا وان زعمتم أنتم غلبتكم علينا بمظاهرة إخوانكم واستعانة قبائلكم وعشائركم أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ اى لستم أنتم غالبين على الله المتعزز برداء العظمة والكبرياء المتفرد بالمجد والبهاء وَاعلموا ايضا أَنَّ اللَّهَ المنتقم الغيور من عصاة عباده مُخْزِي الْكافِرِينَ اى مهينهم ومذلهم وان امهلهم زمانا بطرين على تجبرهم وتكبرهم
وَايضا هذه أَذانٌ اى اعلام وتشييع ونداء قد صدر مِنَ اللَّهِ وَمن رَسُولِهِ باذنه سبحانه إِلَى النَّاسِ المجتمعين من أقاصي البلاد يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ وصف بالأكبر لان الوقوف بعرفة كان يوم الجمعة لذلك سمى به أَنَّ اللَّهَ اى بان الله المتعزز برداء العظمة والكبرياء بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اى من عهودهم ومواثيقهم مطلقا بحيث لا تؤمنوهم بعد عامكم هذا وَرَسُولِهِ ايضا مأمور من عنده سبحانه بالبراءة منهم ونقض العهد وإسقاط الذمة إليهم وبعد اليوم قد ارتفعت الهدنة وصار الأمر والحكم من الله اما السيف أم الإسلام فَإِنْ تُبْتُمْ ورجعتم عما أنتم عليه من الكفر والشرك الى الايمان والتوحيد فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ في اولاكم وأخراكم وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ وأعرضتم عن الإسلام والايمان وأصررتم على الشرك والطغيان فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ اى لستم غالبين على جنوده سبحانه وَبالجملة بَشِّرِ يا أكمل الرسل الَّذِينَ كَفَرُوا بالله وأصروا عليه ولم يرجعوا عنه
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 297